والملائكة لا يجوز عليهم الاسلام كرها بوجه، فقد خلص لهم صفة الاسلام طوعا، وكان أهل الأرض يشتركون في استحقاق الصفتين جميعا:
فمنهم من أسلم طوعا ومنهم من أسلم كرها. وقد يجوز ان يراد باسلام من في الأرض - إذا كان بمعنى الاستسلام ههنا - غير العقلاء: من الأطفال والبهائم، على ما سنبينه من بعد، وعبر عن هذين الجنسين ب (من)، لاختلاط العقلاء بهما في استيطان الأرض، لان العقلاء إذا اختلط بهم من ليس بصفتهم، جاز أن يغلب صفة العقلاء على غيرهم، فيعبر عنهم ب (من) دون (ما) (ثم (1) (من) لفظها واحد مذكر، إلا أنها إذا وقعت تقع على الواحد والاثنين والجماعة من المؤنث والمذكر، فإذا [2] وقعت على شئ من ذلك كنت فيه بالخيار: إن شئت أجريت اللفظ عليها في نفسها، وإن شئت أجريته على معناها في التثنية والجمع والتأنيث، ألا ترى إلى قول الله تعالى:
(ومنهم من يستمع إليك) (3) وقوله سبحانه: (ومنهم من يستمعون إليك) [4]، وقال الفرزدق:
تعش (5) فان عاهدتني لا تخونني * نكن مثل من - يا ذئب - يصطحبان