فرأى فيها ما يقتضي الاكراه فرد الزوجة عليه لأجل الاكراه وهو ظاهر في أنه يرى الايقاع لولا الاكراه، وفي " سنن البيهقي " بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه في رجل قال لامرأته إن فعلت كذا وكذا فهي طالق ففعلته قال هي واحدة وهو أحق بها فأوقع الطلاق واحدة عند الحنث بمقتضى اللفظ ولم يوجب كفارة، ومن مثل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم (كنيف ملئ علما " وقال " من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد " ولم يخالفه أحد من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، وقول الصحابة حجة شرعية في قول جمهور العلماء وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أنهم كالنجوم يهتدى بهم فلا هدي أتم من هديهم، وأما كذبه ثانيا فلأنه قال لم يكن يحلف بالطلاق في عهد الصحابة وهذه وقائع فيها الحلف بالطلاق ونقلت أيضا حكومة أخرى وقعت عند علي رضي الله عنه في رجل حلف بالطلاق أنه لا يطأ امرأته حتى يعظم ولده بل نقل عن بعض الصحابة أنه حلف بالطلاق وهو أبو ذر رضي الله عنه لما سألته امرأته عن الساعة التي يستجاب الدعاء فيها يوم الجمعة وأكثرت فقال لها زيغ الشمس يشير إلى ذراع فإن سألتني بعدها فأنت طالق فحلف عليها بالطلاق أن لا تعاود المسألة، وفي ذلك آثار كثيرة غير هذا مذكورة في المصنف المبسوط، وأما كذبه آخرا فلأنه نسب إلى الصحابة رضوان الله عليهم القول بأن الطلاق لا يقع وأنه تجب الكفارة مع اعترافه أن ذلك لم يقع في عهدهم وهذه مكابرة قبيحة وكذب صريح وقد قالت عائشة رضي الله عنها كل يمين وأن عظمت ليس فيها طلاق ولا عتاق ففيها كفارة يمين فاستثنت يمين الطلاق ويمين العتاق من الكفارة، وهذا الأثر نقله ابن عبد البر في " التمهيد " وفي " الإستذكار " بهذا اللفظ مسندا، ونقله هذا المبتدع فأسقط منه قولها ليس فيها طلاق طلاق ولا عتاق ليوهم أن عائشة رضي الله عنها تقول بالكفارة في يمين الطلاق والعتق فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون فهذا عصر الصحابة لم ينقل فيه إلا الافتاء بالوقوع وأما التابعون رضي الله عنهم
(١٠٧)