عليها بل هزل ولعب ومع ذلك فلم يعتبر الشارع قصده وإنما ألزمه موجب لفظه الذي أطلقه وواخذه به وما ذلك إلا لقوة الطلاق ونفوذه.
ثم إن الطلاق يكون منجزا ويكون معلقا على شرط فالمنجز كقوله أنت طالق والمعلق كقوله إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق وإن دخلت الدار فأنت طالق، وقد أجمعت الأمة على وقوع المعلق كوقوع المنجز فإن الطلاق مما يقبل التعليق، لم يظهر الخلاف في ذلك إلا عن طوائف من الروافض، ولما حدث مذهب الظاهرية المخالفين لإجماع الأمة المنكرين للقياس خالفوا في ذلك فلم يوقعوا الطلاق المعين ولكنهم قد سبقهم إجماع الأمة فلم يكن قولهم معتبرا لأن من خالف الاجماع لم يعتبر قوله وقد سبق إجماع الأمة على وقوع الطلاق المعلق قبل حدوث الظاهرية، وإنما اختلف العلماء إذا علق الطلاق على أمر واقع أو مقصود كقوله إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق هل يتنجز الطلاق من حين علق ولا يتأخر إلى وقوع الشرط وهو مجئ رأس الشهر أو يتأخر إلى مجئ رأس الشهر فيه قولان للعلماء مشهوران لأنه لما علق على شرط واقع فقد قصد إيقاع الطلاق ورضي به فتنجز من وقته، وهذا ابن تيمية لم يخالف في تعليق الطلاق وقد صرح بذلك فليس مذهبه كمذهب الظاهرية في منع نفوذ الطلاق المعلق. ثم إن الطلاق المعلق منه ما يعلق على وجه اليمين ومنه ما يعلق على غير وجه اليمين، فالطلاق المعلق على غير وجه اليمين كقوله إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق أو أن أعطيتني ألفا فأنت طالق، والذي على وجه اليمين كقوله إن كلمت فلانا فأنت طالق أو إن دخلت الدار فأنت طالق وهو الذي يقصد به الحث أو المنع أو التصديق فإذا علق الطلاق على هذا الوجه ثم وجد المعلق عليه وقع الطلاق وهذه المسألة التي ابتدأ ابن تيمية بدعته وقصد التوصل بها إلى غيرها أن تمت له وقد اجتمعت الأمة على وقوع الطلاق المعلق سواء كان على وجه اليمين أو لا على وجه اليمين هذا مما لم يختلفوا فيه وإجماع الأمة معصوم من الخطأ وكل من قال بهذا من العلماء لم يفرق بين المعلق على وجه اليمين أولا