والمخلوف الحادث قديما ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة، وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع فإن متلقي الأصول عنه وفاهم ذلك منه هم الأقلون والداعي إليه من أصحابه هم الأرذلون وإذا حوققوا في ذلك أنكروه وفروا منه كما يفرون من المكروه، ونبهاء أصحابه ومتدينوهم لا يظهر لهم إلا مجرد التبعية للكتاب والسنة والوقوف عندما دلت عليه من غير زيادة ولا تشبيه ولا تمثيل.
وأما ما أحدثه في الفروع فأمر قد عمت به البلوى وهو الافتاء في تعليق الطلاق على وجه اليمين بالكفارة عند الحنث وقد استروح العامة إلى قوله وتسارعوا إليه وخفت عليهم أحكام الطلاق وتعدى إلى القول بأن الثلاث لا تقع مجموعة إذا أرسلها الزوج على الزوجة وكتب في المسألتين كراريس مطولة ومختصرة أتى فيها بالعجب العجاب وفتح من الباطل كل باب، وكان الله تعالى قد وفق لبيان خطئه وتهافت قوله ومخالفته لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة، وقد عرف ذلك خواص العلماء ومن يفهم من عوام الفقهاء، ثم بلغني أنه بث دعاته في أقطار الأرض لنشر دعوته الخبيثة وأضل بذلك جماعة من العوام ومن العرب والفلاحين وأهل البلاد البرانية ولبس عليهم مسألة اليمين بالطلاق حتى أوهمهم دخولها في قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية وكذلك في قوله تعالى (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) فعسر عليهم الجواب وقالوا هذا كتاب الله سبحانه وبقي في قلوبهم شبه من قوله حتى ذاكرني بذلك بعض المشايخ ممن جمع علما وعملا وبلغ من المقامات الفاخرة الموصلة إلى الآخرة أملا ورأيته متطلعا إلى الجواب عن هذه الشبهة وبيان الحق في هذه المسألة على وجه مختصر يفهمه من لم يمارس كتب الفقه ولا ناظر في الجدل فكتبت هذه الأوراق على وجه ينتفع به من نور الله قلبه