قال: فسرنا قليلا وقد علم كل واحد من الناس مكان العين، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: بحقي عليكم ألا رجعتم إلى موضع العين فنظرتم هل تقفون عليها؟
فرجع الناس يقفون الأثر إلى موضع الرمل، فبحثوا ذلك الرمل فلم يصيبوا العين فقالوا: يا أمير المؤمنين لا والله ما أصبناها، ولا ندري أين هي.
قال: فأقبل الراهب فقال: أشهد يا أمير المؤمنين إن أبي أخبرني عن جدي - وكان من حواريي عيسى عليه السلام - أنه قال: إن تحت هذا الرمل عينا من ماء أبرد من الثلج وأعذب من كل ماء عذب، وإنه لا يقع عليها إلا نبي أو وصي نبي، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأنك وصي رسول الله وخليفته والمؤدي عنه، وقد رأيت أن أصحبك في سفرك فيصيبني ما أصابك من خير وشر فقال له خيرا ودعا له بالخير، وقال عليه السلام: يا راهب الزمني وكن قريبا مني ففعل.
فلما كانت ليلة الهرير والتقى الجمعان واضطرب الناس فيما بينهم قتل الراهب فلما أصبح أمير المؤمنين عليه السلام قال لأصحابه: انهضوا بنا فادفنوا قتلاكم.
وأقبل أمير المؤمنين يطلب الراهب حتى وجده فصلى عليه ودفنه بيده في لحده، ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: والله لكأني أنظر إليه وإلى زوجته وإلى منزلته ودرجته التي أكرمه الله بها (1.
وليس لأحد أن ينكر هذا الخبر من حيث كان خارقا للعادة ولاحقا بالمعجزات ولأنا قد بينا في مواضع من كتبنا وفي كتاب (الشافي في الإمامة) خاصة، أن المعجزات يجب ظهورها على أيدي الأئمة عليهم السلام، وتكلمنا على شبه من امتنع من ذلك، وليس هذا موضع الكلام فيه.