السواد متحيز وإن الجوهر له ضد غيره من الأجناس.
ويجوز أن يلحق بهذا الضرب إرادة الجهل الذي ذكرناه أولا والأمر به، لأنه كما لا يجوز تغير المراد عن قبحه لا يجوز قبح الإرادة المتعلقة به.
ومثال الضرب الثاني - وهو ما لا يمكن على بعض الوجوه ألا يكون قبيحا - الجهل المتعلق بما يجوز تغير حاله والظلم والكذب وباقي القبائح التي عددناها.
وإنما قلنا أن الجهل المتعلق بما يجوز أن لا يكون قبيحا ولا جهلا، لأنه إذا اعتقد أن زيدا في الدار في حالة مخصوصة ولم يكن فيها في تلك الحال فاعتقاده جهل، إلا أنه كان يمكن ألا يكون جهلا، بأن يكون زيد في الدار في تلك الحال.
والضرر الذي هو ظلم كان يمكن أن يكون عدلا، بأن يقع على خلاف ذلك الوجه، وقد يكون أيضا من جنسه ما ليس بظلم. وكذلك الكذب فيه الوجهان اللذان ذكرناهما معا.
وأما الضرب الثالث فهو باقي الأعراض، لأن الحسن والقبح يمكن أن يدخل في الجميع على البدل.
وما يقبح من أعراض على ضربين: أحدهما يختص بوجه قبح لا يكون لغيره وإن جاز أن يقبح للوجه الذي يعمه ويعم غيره. والضرب الآخر إنما يقبح لوجه مشاركة فيه كل القبائح.
فمثال الأول الألم إذا كان كذبا وإرادة القبيح وكراهة الحسن، لأن الظلم وجه قبح يختص به ولا يشاركه في هذا الوجه سواه. وكذلك الكذب وإرادة القبيح وكراهة الحسن.
وإنما قلنا أنه يجوز مع هذا الاختصاص أن يشارك باقي القبائح في وجه القبح لأنه يجوز أن يعرض الظلم أو الكذب أو إرادة القبيح أو كراهة الحسن أن يكون