شهادة، ولكن خص ما فيه زيادة تحقيق وتدقيق للنظر باسم الشهادة، فلما كان الله لطيفا بعباده، حكم في حقوقهم بشاهدين فصاعدا، واكتفى في حقوقه وأحكامه بالرواية، وهذا منه.
(ويعول على قبلة البلد) بلد الاسلام (مع انتفاء علم الغلط) كما في الشرائع (1)، أو ظنه كما في المبسوط (2) والمهذب (3)، إجماعا كما في التذكرة (4)، لأن استمرار عملهم من أقوى الأمارات المفيدة للعلم غالبا. ومنها المحاريب المنصوبة في جوارهم التي يغلب مرورهم عليها، أو في قرية صغيرة نشأت فيها قرون منهم.
قال الشهيد: ولا يجوز الاجتهاد في الجهة قطعا (5).
قلت: أي العمل على وفقه، لأنه عمل بالظن في مقابلة العلم، وهو غير ظن الغلط الذي حكيناه عن المبسوط (6) والمهذب (7) ولا مستلزم له، فإن استلزمه انقلب (8) العلم وهما.
قال: وهل يجوز في التيامن والتياسر؟ الأقرب جوازه، لأن الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق واتفاقهم ممتنع. أما الخطأ في التيامن والتياسر فغير بعيد، وعن عبد الله بن المبارك أنه أمر أهل مرو بالتياسر بعد رجوعه من الحج. يعني ولم ينكر عليه أحد ولم يستبعد، واستمرارهم في القرون الخالية على التيامن عن القبلة.
قال: ووجه المنع، إن احتمال إصابة الخلق الكثير أقرب من احتمال إصابة الواحد، وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق، وأن فيها تياسرا عن القبلة مع انطواء الأعصار الماضية على عدم ذلك. وجاز ترك