بعض الطالبيين وجاء وقت الصلاة، فمال إلى قصر هناك، فنزل تحت شجرة، فقال: أذن، فقلت: ننتظر يلحق بنا أصحابنا، فقال: غفر الله لك، لا تؤخرن صلاة عن أول وقتها إلى آخر وقتها من غير علة، عليك، إبداء بأول الوقت (1).
ويعارضها أخبار أكثر وأصح منها، مع احتمالها تأكيد الاستحباب وإيجاب التأخير لوما لا عقابا، ويحتمله كلام المفيد كما حمله الشيخ عليه في التهذيب (2).
واحتمال آخر الوقتين في الأخبار وقت القضاء، والعفو عن مخالفة الأولى.
والشيخ في العدة أبقى كلام المفيد على ظاهره، وإن التأخير يوجب العقاب، لكن الفعل فيما بعد الأول يسقطه. ثم إنه فيها شبه المتردد بين المذهبين، واحتمل نصرة هذا المذهب بالاحتياط، وأن الأخبار إذا تقابلت في جواز التأخير وعدمه، رجعنا إلى ظاهر الأمر من الوجوب أول الوقت. وفيه: أنها ليست متعارضة، ولا ظاهر الأمر المبادرة. قال: فإن قيل: لو كانت الصلاة واجبة في أول الوقت لا غير، لكان متى لم يفعل فيه استحق العقاب، وأجمعت الأمة على أنه لا يستحق العقاب إن لم يفعلها في أول الوقت. فإن قلتم إنه سقط عقابه، قيل لكم: وهذا أيضا باطل، لأنه يكون إغراء بالقبيح، لأنه إذا علم أنه متى لم يفعل الواجب في الأول مع أنه يستحق العقاب عليه سقط عقابه كان ذلك إغراء. قيل له: ليس ذلك إغراء، لأنه إنما علم اسقاط عقابه إذا بقي إلى الثاني وأداها وهو لا يعلم أنه يبقى إلى الثاني حتى يؤديها، فلا يكون مغر بتركها. وليس لهم أن يقولوا: فعلى هذا لو مات عقيب الوقت الأول ينبغي أن لا يقطع على أنه غير مستحق للعقاب، وذلك خلاف الاجماع إن قلتموه، وذلك أن هذا الاجماع غير مسلم، بل الذي يذهب إليه أن من مات في الثاني مستحق العقاب، وأمره إلى الله إن شاء عفى عنه وإن شاء عاقبه، فادعاه الاجماع في ذلك لا يصح، انتهى (3).