ودليله أولا: وجوب تمييز المنوي وقطع الابهام عنه، ولا يتم بدونه، ووجوب نحو هذا التمييز محل نظر. نعم، يتجه في نحو صلاة الظهر فإنها نوعان: فريضة ونافلة.
وثانيا: أن الوجوب والندب صفتان للمنوي، وجهتان مختلفتان، ولا بد من نية الفعل على الجهة المشروعة وهو ممنوع، بمعنى أنه لا يصح إذا نوى الواجب ندبا أو العكس. أما مع الغفلة فلا، وعبارة الشرائع يحتمل الوصف والغاية (1)، وقد قيل باعتبارهما جميعا، فينوي الوضوء الواجب لوجوبه (2).
وعندي أنه لا بد من التعرض للوجوب أو الندب، وصفا أو غاية إن لم يتميز المنوي بدونه كما أشرت إليه، والوضوء إن سلم كونه كذلك فهو كذلك إن لم ينو به استباحة نحو صلاة واجبة أو مندوبة. أما إذا نويت فهي كافية، ولذا قال المحقق في المعتبر: وفي اشتراط نية الوجوب والندب تردد، أشبهه عدم الاشتراط إذا قصد الاستباحة والتقرب (3).
وكما يحصل التمييز بالوصف يحصل بالغاية، فلا فرق بين أن ينوي الوضوء الواجب أو الوضوء لوجوبه، وإن كان الوصف أظهر. ولذا استدل ابنا زهرة (4) وإدريس (5) على اعتبارهما الوجوب أو وجهه بالتمييز، وإيقاع الفعل على الوجه المأمور به. وكذا اعتبر المصنف في التذكرة نية صلاة معينة لوجوبها أو لندبها، واستدل بالتمييز (6).
(وذو الحدث الدائم) الذي لا يرتفع زمانا يسع الصلاة مثلا (كالمبطون، وصاحب السلس، والمستحاضة ينوي الاستباحة) لا الرفع، فإنه يستبيح بطهارته ولا يرتفع حدثه لدوامه، إلا أن ينوي رفع المنع من نحو الصلاة، فيكون بمعنى الاستباحة. وأما رفع الماضي فهو الذي ينويه غير دائم الحدث.