ولا يعلمه ذلك، ولا أحد من الخلق قريبا كان منه أو بعيدا، ثم يكتب اسمه في أربع صحائف، ويختمها بخاتمه، ويضعها عند أربعة نفر من أعيان أهل المملكة، ثم لا يكون منه في سره وعلانيته أمر يستدل به على ولى عهده من هؤلاء في إدناء وتقريب يعرف به، ولا في إقصاء، وإعراض يستراب له. وليتق ذلك في اللحظة والكلمة، فإذا هلك الملك جمعت تلك الصحائف إلى النسخة التي تكون في خزانة الملك، فتفض جميعا، ثم ينوه حينئذ باسم ذلك الرجل، فيلقى الملك إذا لقيه بحداثة عهده بحال السوقة، ويلبسه إذا لبسه ببصر السوقة وسمعها، فإن في معرفته بحاله قبل إفضاء الملك إليه سكرا تحدثه عنده ولاية العهد، ثم يلقاه الملك فيزيده سكرا إلى سكره، فيعمى ويصم، هذا مع ما لا بد أن يلقاه أيام ولاية العهد من حيل العتاة، وبغى الكذابين، وترقية النمامين، وإيغار صدره، وإفساد قلبه على كثير من رعيته، وخواص دولته، وليس ذلك بمحمود ولا صالح.
واعلموا أنه ليس للملك أن يحلف، لأنه لا يقدر أحد استكراهه، وليس له أن يغضب لأنه قادر، والغضب لقاح الشر والندامة، وليس له أن يعبث ويلعب، لان اللعب والعبث من عمل الفراغ، وليس له أن يفرغ لان الفراغ من أمر السوقة، وليس للملك أن يحسد أحدا إلا على حسن التدبير، وليس له أن يخاف لأنه لا يد فوق يده.
واعلموا أنكم لن تقدروا على أن تختموا أفواه الناس من الطعن والإزراء عليكم، ولا قدرة لكم على أن تجعلوا القبيح من أفعالكم حسنا، فاجتهدوا في أن تحسن أفعالكم كلها، وإلا تجعلوا للعامة إلى الطعن عليكم سبيلا.
واعلموا أن لباس الملك ومطعمه ومشربه مقارب للباس السوقة ومطعمهم، وليس