في عز خير من حياة في ذل وعجز، وكل ما هو كائن كائن، وكل جمع إلى تباين، والدهر صرفان: صرف بلاء، وصرف رخاء، واليوم يومان: يوم حبرة (1)، ويوم عبرة والناس رجلان: رجل لك، ورجل عليك. زوجوا النساء الأكفاء، وإلا فانتظروا بهن القضاء، وليكن أطيب طيبهم الماء، وإياكم والورهاء فإنها أدوا الداء وإن ولدها إلى أفن يكون. لا راحة لقاطع القرابة. وإذا اختلف القوم أمكنوا عدوهم، وآفة العدد اختلاف الكلمة، والتفضل بالحسنة يقي السيئة، والمكافأة بالسيئة دخول فيها، وعمل السوء يزيل النعماء، وقطيعة الرحم تورث الهم، وانتهاك الحرمة يزيل النعمة، وعقوق الوالدين يعقب النكد، ويخرب البلد، ويمحق العدد، والاسراف في النصيحة، هو الفضيحة والحقد منع الرفد، ولزوم الخطيئة يعقب البلية وسوء الدعة (3) يقطع أسباب المنفعة، والضغائن تدعو إلى التباين، يا بنى إني قد أكلت مع أقوام وشربت، فذهبوا وغبرت، وكأني بهم قد لحقت، ثم قال:
أكلت شبابي فأفنيته * وأبليت بعد دهور دهورا ثلاثة أهلين صاحبتهم * فبادروا وأصبحت شيخا كبيرا قليل العظام عسير القيام * قد ترك الدهر خطوى قصيرا أبيت أراعي نجوم السماء * أقلب أمري بطونا ظهورا * * * وصى أكثم بن صيفي بنيه ورهطه فقال، يا بنى تميم، لا يفوتنكم وعظي، إن فاتكم الدهر بنفسي، إن بين حيزومي وصدري لكلاما لا أجد له مواقع إلا (4) أسماعكم ولا مقار إلا قلوبكم، فتلقوه بأسماع مصغية، وقلوب واعية، تحمدوا مغبته: الهوى .