شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٨٤
أن أخرجوا نصارى نجران من جزيرة العرب فلم يخرجوهم حتى مضى صدر من خلافه عمر، وعملوا في أيام أبى بكر برأيهم في ذلك باستصلاحهم وهم الذين هدموا المسجد بالمدينة وحولوا المقام بمكة، وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة ولم يقفوا مع موارد النصوص، حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد، فرجح كثير منهم القياس على النص، حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة.
قال: النقيب: وأكثر ما يعملون بآرائهم فيما يجرى مجرى الولايات والتأمير والتدبير وتقرير قواعد الدولة وما كانوا يقفون مع نصوص الرسول صلى الله عليه وآله وتدبيراته إذا رأوا المصلحة في خلافها كأنهم كانوا يقيدون نصوصه المطلقة بقيد غير مذكور لفظا وكأنهم كانوا يفهمونه من قرائن أحواله وتقدير ذلك القيد (افعلوا كذا إن رأيتموه مصلحة).
قال: وأما مخالفتهم له فيما هو محض الشرع والدين وليس بمتعلق بأمور الدنيا وتدبيراتها فإنه يقل جدا، نحو أن يقول: (الوضوء شرط في الصلاة)، فيجمعوا على رد ذلك ويجيزوا الصلاة من غير وضوء، أو يقول: (صوم شهر رمضان واجب) فيطبقوا على مخالفة ذلك ويجعلوا شوالا عوضا عنه، فإنه بعيد، إذ لا غرض لهم فيه، ولا يقدرون على إظهار مصلحة عثروا عليها خفيت عنه صلى الله عليه وآله. والقوم الذين كانوا قد غلب على ظنونهم أن العرب لا تطيع عليا عليه السلام، فبعضها للحسد، وبعضها للوتر والثأر وبعضها لاستحداثهم سنة، وبعضها لاستطالته عليهم ورفعه عنهم،، وبعضها كراهة اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد وبعضها للخوف من شدة وطأته وشدته في دين الله وبعضها خوفا لرجاء تداول قبائل العرب الخلافة إذا لم يقتصر بها على بيت مخصوص عليه فيكون رجاء كل حي لوصولهم إليها ثابتا مستمرا، وبعضها ببغضه، لبغضهم من قرابته
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281