شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٨١
الذين صرفوها عنه بادئ بدء فليتني أراكم بعدي يا عبد الله! إن الحرص محرمة، وإن دنياك كظلك كلما هممت به ازداد عنك بعدا.
نقلت هذا الخبر من (أمالي أبى جعفر محمد بن حبيب) رحمه الله.
ونقلت منه أيضا ما رواه عن ابن عباس، قال: تبرم عمر بالخلافة في آخر أيامه، وخاف العجز، وضجر من سياسة الرعية، فكان لا يزال يدعو الله بأن يتوفاه، فقال لكعب الأحبار يوما وانا عنده: إني قد أحببت أن أعهد إلى من يقوم بهذا الامر وأظن وفاتي قد دنت، فما تقول في علي؟ أشر على في رأيك وأذكرني ما تجدونه عندكم، فإنكم تزعمون أن أمرنا هذا مسطور في كتبكم، فقال: أما من طريق الرأي فإنه لا يصلح، إنه رجل متين الدين، لا يغضي على عورة ولا يحلم عن زلة ولا يعمل باجتهاد رأيه وليس هذا من سياسة الرعية في شئ وأما ما نجده في كتبنا فنجده لا يلي الامر ولا ولده، وإن وليه كان هرج شديد، قال: كيف ذاك؟ قال: لأنه أراق الدماء، فحرمه الله الملك. إن داود لما أراد أن يبنى حيطان بيت المقدس أوحى الله إليه إنك لا تبنيه لأنك أرقت الدماء وإنما يبنيه سليمان، فقال عمر: أليس بحق أراقها؟
، قال كعب: وداود بحق أراقها يا أمير المؤمنين، قال: فإلى من يفضي الامر تجدونه عندكم؟ قال: نجده ينتقل بعد صاحب الشريعة والاثنين من أصحابه، إلى أعدائه الذين حاربهم وحاربوه، وحاربهم على الدين. فاسترجع عمر مرارا، وقال أتستمع يا بن عباس! أما والله لقد سمعت من رسول الله ما يشابه هذا، سمعته يقول: ليصعدن بنو أمية على منبري، ولقد أريتهم في منامي ينزون عليه نزو القردة " وفيهم أنزل ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن﴾ (1)

(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281