شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٧٩
الله غيره، فنفذ مراد الله تعالى ولم ينفذ مراد رسوله أو كلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان! إنه أراد إسلام عمه ولم يرده الله فلم يسلم!.
وقد روى معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ، وهو قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يذكره للامر في مرضه، فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الاسلام، فعلم رسول الله ما في نفسي وأمسك وأبى الله الا إمضاء ما حتم.
* * * وحدثني الحسين بن محمد السيني، قال: قرأت على ظهر كتاب، أن عمر نزلت به نازلة، فقام لها وقعد، وترنح لها وتقطر (١) وقال لمن عنده معشر الحاضرين ما تقولون في هذا الامر؟، فقالوا: يا أمير المؤمنين أنت المفزع والمنزع، فغضب وقال:
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا﴾ (٢)، ثم قال: أما والله إني وإياكم لنعلم ابن بجدتها والخبير بها، قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب! قال:
وأنى يعدل بي عنه، وهل طفحت حرة مثله قالوا: فلو دعوت به يا أمير المؤمنين!
قال هيهات! إن هناك شمخا من هاشم وأثره من علم، ولحمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤتى ولا يأتي، فامضوا بنا إليه فانقصفوا نحوه (٣) وأفضوا إليه فألفوه في حائط له، عليه تبان (٤) وهو يتركل (٥) على مسحاته، ويقرأ: ﴿أيحسب الانسان أن يترك سدى﴾ (6) إلى آخر السورة، ودموعه تهمي على خديه، فأجهش الناس لبكائه فبكوا، ثم سكت وسكتوا فسأله عمر عن تلك الواقعة فأصدر جوابها، فقال عمر:
أما

(١) تقطر: شمخ برأسه كبرا.
(٢) سورة الأحزاب ٧٠.
(٣) انقصفوا نحوه: اجتمعوا.
(٤) التبان: سراويل صغير.
(٥) يتركل على مسحاته: أي يضربها برجله لتغيب في الأرض. والمسحاة: ما يسحى به الطين عن الأرض، أي يحرف.
(٦) سورة القيامة ٣٦.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281