وقد روى الزبير بن بكار في (الموفقيات) ما يناسب هذا عن المغيرة بن شعبة قال: قال لي عمر يوما: يا مغيرة هل أبصرت بهذه عينك العوراء منذ أصيبت؟
قلت: لا، قال: أما والله ليعورن بنو أمية الاسلام كما أعورت عينك هذه، ثم ليعمينه حتى لا يدرى أين يذهب ولا أين يجئ؟ قلت: ثم ما ذا يا أمير المؤمنين؟ قال: ثم يبعث الله تعالى بعد مائه وأربعين أو بعد مائة وثلاثين وفدا كوفد الملوك طيبة ريحهم يعيدون إلى الاسلام بصره وشتاته. قلت: من هم يا أمير المؤمنين قال: حجازي وعراقي، وقليلا ما كان، وقليلا ما دام.
* * * وروى أبو بكر الأنباري في (أماليه) أن عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد، وعنده ناس، فلما قام عرض واحد بذكره، ونسبه إلى التيه والعجب، فقال عمر: حق لمثله أن يتيه! والله لولا سيفه لما قام عمود الاسلام، وهو بعد أقضى الأمة وذو سابقتها وذو شرفها، فقال له ذلك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه؟ قال:
كرهناه على حداثة السن وحبه بنى عبد المطلب.
قلت سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد وقد قرأت عليه هذه الأخبار - فقلت له: ما أراها إلا تكاد تكون دالة على النص، ولكني أستبعد أن يجتمع الصحابة على دفع نص رسول الله صلى الله عليه وآله على شخص بعينه كما استبعدنا من الصحابة على رد نصه على الكعبة وشهر رمضان وغيرهما من معالم الدين، فقال لي رحمه الله: أبيت إلا ميلا إلى المعتزلة! ثم قال: إن القوم لم يكونوا يذهبون في الخلافة إلى أنها من معالم، الدين وأنها جارية مجرى العبادات الشرعية، كالصلاة والصوم، ولكنهم كانوا يجرونها مجرى الأمور الدنيوية ويذهبون لهذا (1) مثل تأمير الامراء وتدبير الحروب وسياسة الرعية وما كانوا يبالون في أمثال هذا من مخالفة نصوصه صلى الله عليه وآله إذا رأوا المصلحة في