الغدر، ولا تنقض البيعة صوابا كانت أو خطأ وقد قالت له الأنصار وغيرها: أيها الرجل لو دعوتنا إلى نفسك قبل البيعة لما عدلنا بك أحدا ولكنا قد بايعنا فكيف السبيل إلى نقض البيعة بعد وقوعها!.
* * * قال النقيب: ومما جرأ عمر على بيعه أبى بكر والعدول عن علي - مع ما كان يسمعه من الرسول صلى الله عليه وآله في أمره - أنه أنكر مرارا على الرسول صلى الله عليه وآله أمورا اعتمدها فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله إنكاره بل رجع في كثير منها إليه وأشار عليه بأمور كثيرة نزل القرآن فيها بموافقته، فأطمعه ذلك في الاقدام على اعتماد كثير من الأمور التي كان يرى فيها المصلحة، مما هي خلاف النص، وذلك نحو إنكاره عليه في الصلاة على عبد الله بن أبي المنافق، وإنكاره فداء أسارى بدر وإنكاره عليه تبرج نسائه للناس، وإنكاره قضية الحديبية وإنكاره أمان العباس لأبي سفيان ابن حرب وإنكاره واقعة أبى حذيفة بن عتبة وإنكاره أمره بالنداء: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) وإنكاره أمره بذبح النواضح وإنكاره على النساء بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله هيبتهن له دون رسول الله صلى الله عليه وآله... إلى غير ذلك من أمور كثيرة تشتمل عليها كتب الحديث ولو لم يكن الا إنكاره قول رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه: (ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما لا تضلون بعدي) وقوله ما قال، وسكوت رسول الله صلى الله عليه وآله عنه. وأعجب الأشياء أنه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب الله، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم، يقول القول ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وبعضهم يقول: القول ما قال عمر، فقال رسول الله: وقد كثر اللغط، وعلت الأصوات (قوموا عنى فما ينبغي لنبي أن يكون عنده هذا التنازع) فهل بقي للنبوة مزية أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القولين وميل