قال رحمه الله: وسكت الناس عن الانكار، فإنهم كانوا متفرقين فمنهم من هو مبغض شانئ لعلى عليه السلام، فالذي تم من صرف الامر عنه هو قرة عينه، وبرد فؤاده، ومنهم ذو الدين وصحة اليقين، إلا أنه لما رأى كبراء الصحابة قد اتفقوا على صرف الامر عنه، ظن أنهم إنما فعلوا ذلك لنص سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وآله ينسخ ما قد كان سمعه من النص على أمير المؤمنين عليه السلام لا سيما ما رواه أبو بكر من قول النبي صلى الله عليه وآله (الأئمة من قريش) فإن كثيرا من الناس توهموا أنه ناسخ للنص الخاص، وأن معنى الخبر أنكم مباحون في نصب إمام من قريش من أي بطون قريش كان فإنه يكون إماما.
وأكد أيضا في نفوسهم رفض النص الخاص ما سمعوه من قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن)، وقوله عليه السلام: (سألت الله ألا يجمع أمتي على ضلال، فأعطانيها فأحسنوا الظن بعاقدي البيعة).
وقالوا: هؤلاء أعرف بأغراض رسول الله صلى الله عليه وآله من كل أحد فأمسكوا وكفوا عن الانكار ومنهم فرقة أخرى - وهم الأكثرون - أعراب وجفاة، وطغام أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، فهؤلاء مقلدون لا يسألون ولا ينكرون، ولا يبحثون، وهم مع أمرائهم وولاتهم، لو أسقطوا عنهم الصلاة الواجبة لتركوها، فلذلك أمحق النص وخفى ودرس، وقويت كلمة العاقدين لبيعة أبى بكر، وقواها زيادة على ذلك اشتغال على وبنى هاشم برسول الله صلى الله عليه وآله وإغلاق، بابهم عليهم وتخليتهم الناس يعملون ما شاءوا وأحبوا من غير مشاركة لهم فيما هم فيه، لكنهم أرادوا استدراك ذلك بعد ما فات، وهيهات الفائت لا رجعة له!.
وأراد علي عليه السلام بعد ذلك نقض البيعة فلم يتم له ذلك وكانت العرب لا ترى