شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٨٦
قال رحمه الله: وسكت الناس عن الانكار، فإنهم كانوا متفرقين فمنهم من هو مبغض شانئ لعلى عليه السلام، فالذي تم من صرف الامر عنه هو قرة عينه، وبرد فؤاده، ومنهم ذو الدين وصحة اليقين، إلا أنه لما رأى كبراء الصحابة قد اتفقوا على صرف الامر عنه، ظن أنهم إنما فعلوا ذلك لنص سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وآله ينسخ ما قد كان سمعه من النص على أمير المؤمنين عليه السلام لا سيما ما رواه أبو بكر من قول النبي صلى الله عليه وآله (الأئمة من قريش) فإن كثيرا من الناس توهموا أنه ناسخ للنص الخاص، وأن معنى الخبر أنكم مباحون في نصب إمام من قريش من أي بطون قريش كان فإنه يكون إماما.
وأكد أيضا في نفوسهم رفض النص الخاص ما سمعوه من قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن)، وقوله عليه السلام: (سألت الله ألا يجمع أمتي على ضلال، فأعطانيها فأحسنوا الظن بعاقدي البيعة).
وقالوا: هؤلاء أعرف بأغراض رسول الله صلى الله عليه وآله من كل أحد فأمسكوا وكفوا عن الانكار ومنهم فرقة أخرى - وهم الأكثرون - أعراب وجفاة، وطغام أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، فهؤلاء مقلدون لا يسألون ولا ينكرون، ولا يبحثون، وهم مع أمرائهم وولاتهم، لو أسقطوا عنهم الصلاة الواجبة لتركوها، فلذلك أمحق النص وخفى ودرس، وقويت كلمة العاقدين لبيعة أبى بكر، وقواها زيادة على ذلك اشتغال على وبنى هاشم برسول الله صلى الله عليه وآله وإغلاق، بابهم عليهم وتخليتهم الناس يعملون ما شاءوا وأحبوا من غير مشاركة لهم فيما هم فيه، لكنهم أرادوا استدراك ذلك بعد ما فات، وهيهات الفائت لا رجعة له!.
وأراد علي عليه السلام بعد ذلك نقض البيعة فلم يتم له ذلك وكانت العرب لا ترى
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281