النصوص وأوائل الأدلة وهم أصحاب جهل وتقليد لا أصحاب تفضيل ونظر.
قال: ثم أكد حسن ظن الناس بهم أنهم أطلقوا أنفسهم عن الأموال وزهدوا في متاع الدنيا وزخرفها وسلكوا مسلك الرفض لزينتها والرغبة عنها والقناعة بالطفيف النزر منها وأكلوا الخشن ولبسوا الكرابيس ولما ألقت إليهم الدنيا أفلاذ كبدها وفرقوا الأموال على الناس، وقسموها بينهم ولم يتدنسوا منها بقليل ولا كثير فمالت إليهم القلوب وأحبتهم النفوس وحسنت فيهم الظنون، وقال: من كان في نفسه شبهة منهم أو وقفة في أمرهم لو كان هؤلاء قد خالفوا النص لهوى أنفسهم لكانوا أهل الدنيا ولظهر عليهم الميل إليها والرغبة فيها والاستئثار بها وكيف يجمعون على أنفسهم مخالفة النص وترك لذات الدنيا ومآربها فيخسروا الدنيا والآخرة! وهذا لا يفعله عاقل والقوم عقلاء ذوو الباب وآراء صحيحة، فلم يبق عند أحد شك في أمرهم ولا ارتياب لفعلهم وثبتت العقائد على ولايتهم وتصويب أفعالهم ونسوا لذة الرياسة وإن أصحاب الهمم العالية لا يلتفون إلى المأكل والمشرب والمنكح، وأنما يريدون الرياسة ونفوذ الامر كما قال الشاعر:
وقد رغبت عن لذة المال أنفس * وما رغبت عن لذة النهى والامر قال رحمه الله: والفرق بين الرجلين وبين الثالث، ما أصيب به الثالث وقتل تلك القتلة وخلعه الناس وحصروه وضيقوا عليه بعد أن توالي إنكارهم أفعاله وجبهوه في وجهه وفسقوه، وذلك لأنه استأثر هو وأهله بالأموال وانغمسوا فيها واستبدوا بها فكانت طريقته وطريقتهم مخالفة لطريق الأولين، فلم تصبر العرب على ذلك ولو كان عثمان سلك طريق عمر في الزهد، وجمع الناس، وردع الامراء والولاة عن الأموال وتجنب استعمال أهل بيته ووفر أعراض الدنيا وملاذها وشهواتها على الناس زاهدا فيها تاركا لها، معرضا عنها لما ضره شئ قط ولا أنكر عليه أحد قط ولو حول الصلاة من