شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٨٩
النصوص وأوائل الأدلة وهم أصحاب جهل وتقليد لا أصحاب تفضيل ونظر.
قال: ثم أكد حسن ظن الناس بهم أنهم أطلقوا أنفسهم عن الأموال وزهدوا في متاع الدنيا وزخرفها وسلكوا مسلك الرفض لزينتها والرغبة عنها والقناعة بالطفيف النزر منها وأكلوا الخشن ولبسوا الكرابيس ولما ألقت إليهم الدنيا أفلاذ كبدها وفرقوا الأموال على الناس، وقسموها بينهم ولم يتدنسوا منها بقليل ولا كثير فمالت إليهم القلوب وأحبتهم النفوس وحسنت فيهم الظنون، وقال: من كان في نفسه شبهة منهم أو وقفة في أمرهم لو كان هؤلاء قد خالفوا النص لهوى أنفسهم لكانوا أهل الدنيا ولظهر عليهم الميل إليها والرغبة فيها والاستئثار بها وكيف يجمعون على أنفسهم مخالفة النص وترك لذات الدنيا ومآربها فيخسروا الدنيا والآخرة! وهذا لا يفعله عاقل والقوم عقلاء ذوو الباب وآراء صحيحة، فلم يبق عند أحد شك في أمرهم ولا ارتياب لفعلهم وثبتت العقائد على ولايتهم وتصويب أفعالهم ونسوا لذة الرياسة وإن أصحاب الهمم العالية لا يلتفون إلى المأكل والمشرب والمنكح، وأنما يريدون الرياسة ونفوذ الامر كما قال الشاعر:
وقد رغبت عن لذة المال أنفس * وما رغبت عن لذة النهى والامر قال رحمه الله: والفرق بين الرجلين وبين الثالث، ما أصيب به الثالث وقتل تلك القتلة وخلعه الناس وحصروه وضيقوا عليه بعد أن توالي إنكارهم أفعاله وجبهوه في وجهه وفسقوه، وذلك لأنه استأثر هو وأهله بالأموال وانغمسوا فيها واستبدوا بها فكانت طريقته وطريقتهم مخالفة لطريق الأولين، فلم تصبر العرب على ذلك ولو كان عثمان سلك طريق عمر في الزهد، وجمع الناس، وردع الامراء والولاة عن الأموال وتجنب استعمال أهل بيته ووفر أعراض الدنيا وملاذها وشهواتها على الناس زاهدا فيها تاركا لها، معرضا عنها لما ضره شئ قط ولا أنكر عليه أحد قط ولو حول الصلاة من
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281