وقال مالك بن أنس: إن عمر بن الخطاب استفرغ كل عدل في ولده فلم يعدل بعده أحد منهم في ولاية وليها.
كان عمر ومن بعده من الولاة إذا أخذوا العصاة نزعوا عمائمهم وأقاموهم للناس، حتى جاء زياد فضربهم بالسياط فجاء مصعب فحلق مع الضرب، فجاء بشر بن مروان، فكان يصلب تحت الإبطين، ويضرب الأكف بالمسامير. فكتب إلى بعض الجند قوم من أهله يستزيرونه، ويتشوقونه وقد أخرجه بشر إلى الري فكتب إليهم:
لولا مخافة بشر أو عقوبته * أو أن يرى شانئ كفي بمسمار إذا لعطلت ثغرى ثم زرتكم * إن المحب المعنى جد زوار.
فلما جاء الحجاج قال: كل هذا لعب فقتل العصاة بالسيف.
* * * زيد بن أسلم، عن أبيه قال: خلا عمر لبعض شأنه وقال: أمسك على الباب فطلع الزبير فكرهته حين رأيته فأراد أن يدخل فقلت هو على حاجة فلم يلتفت إلى وأهوى ليدخل فوضعت يدي في صدره فضرب أنفى فأدماه ثم رجع فدخلت على عمر فقال: ما بك؟ قلت: الزبير!.
فأرسل إلى الزبير فلما دخل جئت فقمت لأنظر ما يقول له فقال: ما حملك على ما صنعت أدميتني للناس فقال الزبير: يحكيه ويمطط في كلامه (أدميتني!) أتحتجب عنا يا بن الخطاب! فوالله ما احتجب منى رسول الله ولا أبو بكر فقال عمر:
كالمعتذر إني كنت في بعض شأني!.
قال: أسلم فلما سمعته يعتذر إليه يئست من أن يأخذ لي بحقي منه.