شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٢٤
ولا ناهك لهم عقوبة، وإني لأقنع بالهيبة والتهويل عليهم، ولا أعمل العصا حيث يمكنني الاكتفاء باليد وإني أرد الشارد منهم وأعدل المائل...، إلى غير ذلك من الأمور التي عددها وأحسن في تعديدها.
وإنما ذكر قوله: (أنا زميل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة قرقرة الكدر) الكدر على عادة العرب في الافتخار وقت المنافرة وعند ما تجيش النفس ويحمى القلب كما كان علي عليه السلام يقول وقت الحاجة: (أنا عبد الله وأخو رسوله)، فيذكر أشرف أحواله و المزية التي اختص بها عن غيره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة قرقرة الكدر أردف عمر معه على بعيره فكان عمر يفخر بها ويذكرها وقت الحاجة إليها.
* * * وفى حديث عمر أنه خرج من الخلاء فدعا بطعام فقيل له: ألا تتوضأ فقال: لولا التنطس ما باليت ألا أغسل يدي (1).
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: قال ابن علية: التنطس التقذر وقال الأصمعي: هو المبالغة في التطهر، فكل من أدق النظر في الأمور فاستقصى علمها فهو متنطس ومنه قيل للطبيب: النطاسي والنطيس لدقة علمه بالطب.
* * * وفى حديث عمر حين سأل الأسقف عن الخلفاء فحدثه حتى إذا انتهى إلى الرابع فقال صدع من حديد، وقال عمر: وا دفراه (2).
قال أبو عبيدة، قال الأصمعي: كان حماد بن سلمة يقول: (صدأ من حديد وهذا أشبه بالمعنى لان الصدأ له دفر وهو النتن، والصدع لا دفر له وقيل للدنيا أم دفر لما فيها من الدواهي والآفات فأما الذفر بالذال المعجمة وفتح الفاء فهو الريح الذكية من طيب أو نتن.

(1) الفائق 3: 104 (2) نهاية ابن الأثير 2: 26.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281