شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١١٣
وروى أبو عبيدة أيضا في هذا الكتاب، قال: قدم عمرو بن معديكرب والأجلح بن وقاص الفهمي على عمر، فأتياه وبين يديه مال يوزن، فقال: متى قدمتما؟ قالا: يوم الخميس، قال: فما حبسكما عنى؟ قالا: شغلنا المنزل يوم قدمنا، ثم كانت الجمعة، ثم غدونا عليك اليوم. فلما فرغ من وزن المال نحاه، وأقبل عليهما، فقال: هيه! فقال عمرو بن معديكرب يا أمير المؤمنين هذا الأجلح بن وقاص، الشديد المرة البعيد الغرة، الوشيك الكرة، والله ما رأيت مثله حين الرجال صارع ومصروع والله لكأنه لا يموت.
فقال عمر للأجلح - واقبل عليه، وقد عرف الغضب في وجهه: هيه يا أجلح! فقال الأجلح: يا أمير المؤمنين تركت الناس خلفي صالحين، كثيرا نسلهم، دارة أرزاقهم خصبة بلادهم، أجرياء على عدوهم، فأكلا عدوهم عنهم، فسيمتع الله بك، فما رأينا مثلك إلا من سبقك، فقال: ما منعك ان تقول في صاحبك مثل ما قال فيك؟ قال: ما رأيت من وجهك، قال: أصبت، اما انك لو قلت فيه مثل الذي قال فيك لأوجعتكما ضربا وعقوبة فإذ تركتك لنفسك فسأتركه لك، والله لوددت لو سلمت لكم حالكم، ودامت عليكم أموركم. أما انه سيأتي عليك يوم تعضه وينهشك، وتهره وينبحك، ولست له يومئذ وليس لك، فان لا يكن بعهدكم، فما أقربه منكم.
* * * لما أسر الهرمزان صاحب الأهواز وتستر وحمل إلى عمر، حمل ومعه رجال من المسلمين، فيهم الأحنف بن قيس وأنس بن مالك فأدخلوه في المدينة في هيئته، وعليه تاجه الذهب وكسوته، فوجدوا عمر نائما في جانب المسجد، فجلسوا عنده ينتظرون انتباهه، فقال الهرمزان: أين عمر؟ فقالوا: هو ذا، قال: وأين حراسه وحجابه؟ قالوا: لا حارس له ولا حاجب، قال: فينبغي ان يكون هذا نبيا! قالوا: انه يعمل عمل الأنبياء.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281