قال: فأخبرني عن الحرب، قال: مرة المذاق، إذا قلصت عن ساق، من صبر فيها عرف، ومن ضعف عنها تلف، وإنها لكما قال الشاعر:
الحرب أول ما تكون فتية * تسعى بزينتها لكل جهول (1) حتى إذا استعرت وشب ضرامها * عادت عجوزا غير ذات حليل شمطاء جزت رأسها وتنكرت * مكروهة للشم والتقبيل.
قال فأخبرني عن السلاح، قال: سل عما شئت منه، قال: الرمح؟ قال: أخوك وربما خانك، قال النبل؟ قال: منايا تخطئ وتصيب قال الترس؟ قال: ذاك المجن وعليه تدور الدوائر، قال: الدرع؟ قال: مشغلة للراكب (2) متعبة للراجل وانها لحصن حصين. قال: السيف؟ قال: هناك قارعت أمك الهبل، قال: بل أمك قال: بل أمي والحمى أضرعتني (3) لك (4).
* * * عرض سليمان بن ربيعة الباهلي جنده بأرمينية، فكان لا يقبل من الخيل الا عتيقا، فمر عمرو بن معديكرب بفرس غليظ، فرده وقال: هذا هجين، قال عمرو: انه ليس بهجين، ولكنه غليظ، قال: بل هو هجين، فقال عمرو: ان الهجين ليعرف الهجين.
فكتب بكلمته إلى عمر، فكتب إليه: اما بعد يا بن معديكرب، فإنك القائل لأميرك ما قلت، فإنه بلغني ان عندك سيفا تسميه الصمصامة، وأن عندي سيفا اسميه مصمما، وأقسم بالله لئن وضعته بين أذنيك لا يقلع حتى يبلغ قحفك.