شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٢٣
قوله (وأؤدب قدري) أي قدر طاقتي.
وقوله: (وأسوق خطوتي) أي قدر خطوتي.
واللفوت: البعير يلتفت يمينا وشمالا ويروغ.
وقوله: (وأكثر الزجر وأقل الضرب) أي أنه يقتصر من التأديب في السياسة على ما يكتفى به حتى يضطر إلى ما هو أشد منه وأغلظ.
وقوله: (وأشهر بالعصا وأدفع باليد) يريد أنه يرفع العصا يرهب بها ولا يستعملها ولكنه يدفع بيده.
قوله: (ولولا ذلك لأعذرت) أي لولا هذا التدبير وهذه السياسة لخلفت بعض ما أسوق ويقال أعذر الراعي الشاة والناقة إذا تركها والشاة العذيرة وعذرت هي إذا تخلفت عن الغنم.
قال ابن قتيبة، وهذه أمثال ضربها وأصلها في رعية الإبل وسوقها، وإنما يريد بها حسن سياسته للناس في الغزاة التي ذكرها، يقول فإذا كنت أفعل كذا في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله مع طاعة الناس له وتعظيمهم إياه فكيف لا أفعله بعده!.
وعندي أن ابن قتيبة غالط في هذا التأويل وليس في كلام عمر ما يدل على ذلك وليس عمر في غزاة قرقرة الكدر يسوس الناس ولا يأمرهم ولا ينهاهم، وكيف ورسول الله صلى الله عليه وآله حاضر بينهم! ولا كان في غزاة قرقرة الكدر حرب ولا ما يحتاج فيه إلى السياسة وهل كان لعمر أو لغير عمر ورسول الله صلى الله عليه وآله حي أن يرتع فيشبع ويسقى فيروى! وهل تكون هذه الصفات وما بعدها إلا للرئيس الأعظم! والذي أراده عمر ذكر حاله في خلافته رادا على عمران بن سوادة في قوله: (إن الرعية يشكون منك عنف السياق وشدة النهر)، فقال: ليشكون! فوالله إني لرفيق بهم ومستقص في سياستهم،
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281