لها (1). وطالما حلقت فوقه في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت لفتها، ولا يرتصد وقتها، والله أعلم بخلقه، وأرأف بعباده، يختار ما كان لهم الخيرة. وإنك بحيث لا يجهل موضعك من بيت النبوة، ومعدن الرسالة، وكهف الحكمة، ولا يجحد حقك فيما آتاك ربك من العلم، ومنحك من الفقه في الدين، هذا إلى مزايا خصصت بها، وفضائل اشتملت عليها، ولكن لك (2) من يزاحمك بمنكب أضخم من منكبك، وقربي أمس من قرباك، وسن أعلى من سنك، وشيبة أروع من شيبتك، (3 وسيادة معروفة في الاسلام والجاهلية 3) ومواقف ليس لك فيها جمل ولا ناقة، ولا تذكر فيها في مقدمة ولا ساقة، ولا تضرب فيها بذراع ولا إصبع، ولا تعد (4) منها ببازل ولا هبع (5).
إن أبا بكر كان حبة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلاقة (6) همه، وعيبة سره، ومثوى حزنه، وراحة باله، ومرمق طرفه (7)، شهرته مغنية عن الدلالة عليه (8).
ولعمري إنك لأقرب منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة، ولكنه أقرب منك قربة، والقرابة لحم ودم، والقربة روح ونفس، وهذا فرق يعرفه المؤمنون، ولذلك صاروا إليه أجمعون.
ومهما شككت فلا تشك في أن يد الله مع الجماعة، ورضوانه لأهل الطاعة، فادخل فيما هو خير لك اليوم وأنفع غدا، والفظ من فيك ما هو متعلق (9) بلهاتك، وانفث