فقال: ما كان قعودي في كسر هذا البيت قصدا لخلاف، ولا إنكارا لمعروف، ولا زراية على مسلم، بل لما وقذني به رسول الله صلى الله عليه وسلم من فراقه، وأودعني من الحزن لفقده، فإني لم أشهد بعده مشهدا إلبا جدد على حزنا، وذكرني شجنا، وإن الشوق إلى اللحاق به كاف عن الطمع في غيره، وقد عكفت على عهد الله أنظر فيه، وأجمع ما تفرق منه، رجاء ثواب معد لمن أخلص لله عمله، وسلم لعلمه ومشيئته أمره، على إني أعلم إن التظاهر على واقع، ولى عن الحق الذي سيق إلى دافع، وإذ قد أفعم الوادي لي، وحشد النادي على، فلا مرحبا بما ساء أحدا من المسلمين، وفى النفس كلام لولا سابق قول، وسالف عهد، لشفيت غيضي بخنصري وبنصري، وخضت لجته بأخمصي ومفرقي، ولكني ملحم إلى أن ألقى الله تعالى، عنده أحتسب ما نزل بي وأنا غاد إن شاء الله إلى جماعتكم، ومبايع لصاحبكم، وصابر على ما ساءني وسركم، ليقضى الله أمرا كان مفعولا، وكان الله على كل شئ شهيدا، قال أبو عبيدة: فعدت إلى أبى بكر وعمر، فقصصت القول على غرة، ولم أترك شيئا من حلوه ومره، ذكرت (1) غدوه إلى المسجد، فلما كان صباح يومئذ (2 وافى على، فخرق الجماعة إلى أبى بكر وبايعه 2)، وقال خيرا، ووصف جميلا، وجلس زميلا (3)، واستأذن للقيام ونهض، فتبعه عمر إكراما له، وإجلالا لموضعه، واستنباطا (4) لما في نفسه، وقام أبو بكر فأخذ بيده، وقال: إن عصابة أنت منها يا أبا الحسن لمعصومة، وإن أمة أنت فيها لمرحومة، ولقد أصبحت عزيزا علينا، كريما لدينا، نخاف الله إذا سخطت، ونرجوه إذا رضيت، ولولا إني شدهت لما أجبت إلى ما دعيت إليه، ولكني خفت
(٢٨٢)