مسلكهما، وكان مضعفا في أصل القاعدة، مغلوبا عليه، وكثير الحب لأهله، وأتيح له من مروان وزير سوء أفسد القلوب عليه، وحمل الناس على خلعه وقتله.
* * * (كلام أبى جعفر الحسنى في الأسباب التي أوجبت محبة الناس لعلي) وكان أبو جعفر رحمه الله لا يجحد الفاضل فضله، والحديث شجون.
قلت له مرة: ما سبب حب الناس لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وعشقهم له، وتهالكهم في هواه؟ ودعني في الجواب من حديث الشجاعة والعلم والفصاحة، وغير ذلك من الخصائص التي رزقه الله سبحانه الكثير الطيب منها!.
فضحك وقال لي: كم تجمع جراميزك على!.
ثم قال: هاهنا مقدمة ينبغي أن تعلم، وهي أن أكثر الناس موتورون من الدنيا، أما المستحقون فلا ريب في أن أكثرهم محرومون، نحو عالم يرى أنه لاحظ له في الدنيا، ويرى جاهلا غيره مرزوقا وموسعا عليه. وشجاع قد أبلى في الحرب، وانتفع بموضعه، ليس له عطاء يكفيه، ويقوم بضروراته، ويرى غيره وهو جبان فشل، يفرق من ظله، مالكا لقطر عظيم من الدنيا، وقطعة وافرة من المال والرزق، وعاقل سديد التدبير، صحيح العقل، قد قدر (1) عليه رزقه، وهو يرى غيره أحمق مائقا تدر عليه الخيرات، وتتحلب عليه أخلاف الرزق. وذي دين قويم، وعبادة حسنة، وإخلاص وتوحيد، وهو محروم ضيق الرزق، ويرى غيره يهوديا أو نصرانيا أو زنديقا، كثير المال حسن الحال، حتى إن هذه الطبقات المستحقة يحتاجون في أكثر الوقت إلى الطبقات التي لا استحقاق