(177) الأصل:
ومن خطبة له عليه السلام:
انتفعوا ببيان الله، واتعظوا بمواعظ الله، واقبلوا نصيحة الله، فإن الله قد أعذر إليكم بالجلية، وأخذ (1) عليكم الحجة، وبين لكم محابه من الأعمال ومكارهه منها، لتتبعوا هذه وتجتنبوا هذه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن الجنة حفت بالمكاره، وإن النار حفت بالشهوات.
واعلموا أنه ما من طاعة الله شئ إلا يأتي في كره، وما من معصية الله شئ إلا يأتي في شهوة، فرحم الله امرأ نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإن هذه النفس أبعد شئ منزعا، وإنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى.
واعلموا عباد الله، أن المؤمن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه ظنون عنده، فلا يزال زاريا عليها، ومستزيدا لها. فكونوا كالسابقين قبلكم، والماضين أمامكم، قوضوا من الدنيا تقويض الراحل، وطووها طي المنازل.
الشرح:
أعذر إليكم: أوضح عذره في عقابكم إذا خالفتم أوامره. والجلية: اليقين، وإنما أعذر إليهم بذلك، لأنه مكنهم من العلم اليقيني بتوحيده وعدله، وأوجب عليهم ذلك في