طلحة بن المتوكل: (وقد وصلت الوديعة سالمة، والله المحمود، وكيف يوصى الناظر بنوره، أم كيف يحض القلب على حفظ سروره)!
وأخذ الصابي هذه اللفظة أيضا، فكتب عن عز الدولة بختيار بن بويه، إلى عدة الدولة أبى تغلب بن حمدان، وقد نقل إليه ابنته: (قد وجهت الوديعة يا سيدي، وإنما تقلب من وطن إلى سكن، ومن مغرس إلى مغرس، ومن مأوى بر وانعطاف، إلى مثوى كرامة وإلطاف).
فأما الرهينة فهي المرتهنة، يقال للمذكر: هذا رهين عندي على كذا، وللأنثى:
هذه رهينة عندي على كذا، كأنها عليها السلام كانت عنده عوضا من رؤية رسول الله صلى الله عليه وآله، كما تكون الرهينة عوضا عن الامر الذي أخذت رهينة عليه.
ثم ذكر عليه السلام أن حزنه دائم، وأنه يسهر ليله ولا ينام إلى أن يلتحق برسول الله صلى الله عليه وآله ويجاوره في الدار الآخرة، وهذا من باب المبالغة كما يبالغ الخطباء والكتاب والشعراء في المعاني، لأنه عليه السلام ما سهر منذ ماتت فاطمة ودام سهره إلى أن قتل عليه السلام، وإنما سهر ليلة أو شهرا أو سنة، ثم استمر مريره، وارعوى وسنة، فأما الحزن فإنه لم يزل حزينا إذا ذكرت فاطمة، هكذا وردت الرواية عنه.
قوله عليه السلام: (وستنبئك ابنتك) أي ستعلمك.
فأحفها السؤال، أي استقص في مسألتها، واستخبرها الحال، أحفيت إحفاء في السؤال:
استقصيت، وكذلك في الحجاج والمنازعة قال الحارث بن حلزة:
إن إخواننا الأراقم يغلون * علينا في قيلهم إحفاء (1).
ورجل حفى، أي مستقص في السؤال.