لعظيم كبائره جدا، فيفضحه الله تعالى في الموقف كما يفضح المشرك، فهذا معنى قوله:
(ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
فأما الكلام المطول في تأويلات هذه الآية فمذكور في كتبنا الكلامية.
واعلم أنه لا تعلق للمرجئة ولا جدوى عليهم من عموم لفظ الآية، لأنهم قد وافقونا على أن الفلسفي غير مغفور له وليس بمشرك، فإذا أراد بقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) ومن جرى مجرى المشركين، قيل لهم: ونحن نقول: إن الزاني والقاتل يجريان مجرى المشركين كما أجريتم الفلاسفة مجرى المشركين، فلا تنكروا علينا ما لم تنكروه على أنفسكم.
ثم ذكر عليه السلام أن القصاص في الآخرة شديد، ليس كما يعهده الناس من عقاب الدنيا الذي هو ضرب السوط، وغايته أن يذوق الانسان طعم الحديد، وهو معنى قوله:
(جرحا بالمدي)، جمع مدية وهي السكين، بل هو شئ آخر عظيم لا يعبر النطق عن كنهه وشدة نكاله وألمه.
(فصل في الآثار الواردة في شديد عذاب جهنم) قال الأوزاعي في مواعظه للمنصور: (روى لي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لو أن ثوبا من ثياب أهل النار علق بين السماء والأرض لأحرق أهل الأرض قاطبة، فكيف بمن يتقمصه! ولو أن ذنوبا من حميم جهنم صب على ماء الأرض كله لأجنه حتى لا يستطيع مخلوق شربه، فكيف بمن يتجرعه! ولو أن حلقة من سلاسل النار وضعت على جبل لذاب كما يذوب الرصاص، فكيف بمن يسلك فيها، ويرد فضلها على عاتقه!
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله: (لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون، وأخرج إليهم رجل من النار فتنفس وأصابهم نفسه لأحرق المسجد ومن فيه).