فاقبلوا مشورة القرآن دون مشورة أنفسكم، وكذلك معنى قوله: (واتهموا عليه آراءكم، واستغشوا فيه أهواءكم).
(فصل في القرآن وذكر الآثار التي وردت بفضله) واعلم أن هذا الفصل من أحسن ما ورد في تعظيم القرآن وإجلاله، وقد قال الناس في هذا الباب فأكثروا.
ومن الكلام المروى عن أمير المؤمنين عليه السلام في ذكر القرآن أيضا، ما رواه ابن قتيبة في كتاب عيون الأخبار عنه عليه السلام أيضا، وهو: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب، وطعمها مر. ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة طعمها مر، وريحها منتنة).
وقال الحسن رحمه الله: قراء القرآن ثلاثة: رجل اتخذه بضاعة فنقله من مصر إلى مصر، يطلب به ما عند الناس، ورجل حفظ حروفه، وضيع حدوده، واستدر به الولاة واستطال به على أهل بلاده، وقد كثر الله هذا الضرب من حملة القرآن - لا كثرهم الله - ورجل قرأ القرآن فبدأ بما يعلم من دواء القرآن، فوضعه على داء قلبه، فسهر ليله، وانهملت عيناه، وتسربل بالخشوع، وارتدى بالحزن، فبذاك وأمثاله يسقى الناس الغيث، وينزل النصر، ويدفع البلاء، والله لهذا الضرب من حملة القرآن أعز وأقل من الكبريت الأحمر.