(194) الأصل:
ومن كلام له عليه السلام:
أيها الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله، فإن الناس اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل.
أيها الناس، إنما يجمع الناس الرضا والسخط، وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضا، فقال سبحانه: (فعقروها فأصبحوا نادمين)، فما كان إلا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة في الأرض الخوارة.
أيها الناس، من سلك الطريق الواضح ورد الماء، ومن خالف وقع في التيه!
* * * الشرح:
الاستيحاش: ضد الاستئناس، وكثيرا ما يحدثه التوحد وعدم الرفيق، فنهى عليه السلام عن الاستيحاش في طريق الهدى لأجل قلة أهله، فإن المهتدي ينبغي أن يأنس بالهداية، فلا وحشة مع الحق.
وعنى بالمائدة الدنيا، لذتها قليلة، ونغصتها كثيرة، والوجود فيها زمان قصير جدا، والعدم عنها زمان طويل جدا.
ثم قال: ليست العقوبة لمن اجترم ذلك الجرم بعينه، بل لمن اجترمه ومن رضى به، وإن لم يباشره بنفسه، فإن عاقر ناقة صالح إنما كان إنسانا واحدا، فعم الله ثمود بالسخط