(اختلاف الأقوال في عمر الدنيا) الشرح:
قوله عليه السلام: (حين دنا من الدنيا الانقطاع)، أي أزفت الآخرة وقرب وقتها. وقد اختلف الناس في ذلك اختلافا شديدا، فذهب قوم إلى أن عمر الدنيا خمسون ألف سنة، قد ذهب بعضها وبقى بعضها.
واختلفوا في مقدار الذاهب والباقي، واحتجوا لقولهم بقوله تعالى: ﴿تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة﴾ (١)، قالوا: اليوم هو إشارة إلى الدنيا، وفيها يكون عروج الملائكة والروح إليه، واختلافهم بالامر من عنده إلى خلقه، وإلى رسله، قالوا: وليس قول بعض المفسرين أنه عنى يوم القيامة بمستحسن، لان يوم القيامة لا يكون للملائكة والروح عروج إليه سبحانه، لانقطاع التكليف، ولان المؤمنين إما أن يطول عليهم ذلك اليوم بمقدار خمسين ألف سنة، أو يكون هذا مختصا بالكافرين فقط، ويكون قصيرا على المؤمنين، والأول باطل، لأنه أشد من عذاب جهنم، ولا يجوز أن يلقى المؤمن هذه المشقة، والثاني باطل، لأنه لا يجوز أن يكون الزمان الواحد طويلا قصيرا بالنسبة إلى شخصين، اللهم إلا أن يكون أحدهما نائما، أو ممنوا بعلة تجرى مجرى النوم، فلا يحس بالحركة، ومعلوم أن حال المؤمنين بعد بعثهم، ليست هذه الحال.
قالوا: وليست هذه الآية مناقضه للآية الأخرى وهي قوله تعالى: ﴿يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون﴾ (2)، وذلك لان سياق الكلام يدل على أنه أراد به الدنيا، وذلك لأنه قد ورد في الخبر أن