وكان قيس بن سعد من كبار شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، وقائل بمحبته وولائه، وشهد معه حروبه كلها، وكان مع الحسن عليه السلام، ونقم عليه صلحه معاوية، وكان طالبي الرأي، مخلصا في اعتقاده ووده، وأكد ذلك عنده فوات الامر أباه وما نيل يوم السقيفة وبعده منه، فوجد من ذلك في نفسه وأضمره، حتى تمكن من إظهاره في خلافة أمير المؤمنين، وكما قيل: (عدو عدوك صديق لك).
* * * (ذكر أبى أيوب الأنصاري ونسبه) وأما أبو أيوب الأنصاري، فهو خالد بن يزيد بن كعب بن ثعلبة الخزرجي، من بنى النجار، شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد، وعليه نزل رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرج عن بنى عمرو بن عوف، حين قدم المدينة مهاجرا من مكة، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده ومساكنه، ثم انتقل إليها، ويوم المؤاخاة آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بينه وبين مصعب بن عمير.
وقال أبو عمر في كتاب (الاستيعاب) (١): إن أبا أيوب شهد مع علي عليه السلام مشاهده كلها، وروى ذلك عن الكلبي، وابن إسحاق، قالا: شهد معه يوم الجمل وصفين، وكان مقدمته يوم النهروان.
* * * قوله (تختطفها الذئاب)، الاختطاف: أخذك الشئ بسرعة، ويروى (تتخطفها)، قال تعالى: ﴿تخافون أن يتخطفكم الناس﴾ (2) ويقال: إن هذه الخطبة آخر خطبة، خطبها أمير المؤمنين عليه السلام قائما.