(ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها) وقد تعلق من طعن في سياسته بأمور:
منها قولهم: لو كان حين بويع له بالخلافة في المدينة أقر معاوية على الشام إلى أن يستقر الامر له ويتوطد، ويبايعه معاوية وأهل الشام ثم يعزله بعد ذلك، لكان قد كفى ما جرى بينهما من الحرب.
والجواب: أن قرائن الأحوال حينئذ، قد كان علم أمير المؤمنين عليه السلام منها أن معاوية لا يبايع له وإن أقره على ولاية الشام، بل كان إقراره له على إمرة الشام أقوى لحال معاوية، وآكد في الامتناع من البيعة، لأنه لا يخلو صاحب السؤال إما أن يقول: كان ينبغي أن يطالبه بالبيعة ويقرن إلى ذلك تقليده بالشام، فيكون الأمران معا، أو يتقدم منه إقراره على الشام وتتأخر المطالبة بالبيعة إلى وقت ثان. فإن كان الأول فمن الممكن أن يقرأ معاوية على أهل الشام تقليده بالإمرة، فيؤكد حاله عندهم ويقرر في أنفسهم، لولا أنه أهل لذلك لما اعتمده علي عليه السلام معه، ثم يماطله بالبيعة، ويحاجزه عنها. وإن كان الثاني فهو الذي فعله أمير المؤمنين عليه السلام. وإن كان الثالث فهو كالقسم الأول، بل هو آكد فيما يريده معاوية من الخلاف والعصيان. وكيف يتوهم من يعرف السير أن معاوية كان يبايع له، لو أقره على الشام وبينه وبينه ما لا تبرك الإبل عليه، من الترات القديمة، والأحقاد، وهو الذي قتل حنظلة أخاه والوليد خاله، وعتبة جده في مقام واحد، ثم ما جرى بينهما في أيام عثمان، حتى أغلظ كل واحد منهما لصاحبه، وحتى تهدده معاوية، وقال له: إني شاخص إلى الشام وتارك عندك هذا الشيخ - يعنى عثمان - والله لئن