بل يعلم أمورا محدودة من المغيبات، مما اقتضت حكمة البارئ سبحانه أن يؤهله لعلمه، وكذلك القول في رسول الله صلى الله عليه وآله إنه إنما كان يعلم أمورا معدودة لا أمورا غير متناهية، ومع أنه عليه السلام قد كتم ما علمه حذرا من أن يكفروا فيه برسول الله صلى الله عليه وآله، فقد كفر كثير منهم، وادعوا فيه النبوة، وادعوا فيه أنه شريك الرسول في الرسالة، وادعوا فيه أنه هو كان الرسول، ولكن الملك غلط فيه، وادعوا أنه هو الذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس، وادعوا فيه الحلول، وادعوا فيه الاتحاد، ولم يتركوا نوعا من أنواع الضلالة فيه إلا وقالوه واعتقدوه، وقال شاعرهم فيه من أبيات:
ومن أهلك عادا * وثمودا بدواهيه ومن كلم موسى فوق * طور إذ يناديه ومن قال على المنبر * يوما وهو راقيه سلوني أيها الناس * فحاروا في معانيه.
وقال بعض شعرائهم:
إنما خالق الخلائق من زعزع * أركان حصن خيبر جذبا قد رضينا به إماما ومولى * وسجدنا له إلها وربا (جملة من أخبار علي بالأمور الغيبية) وقد ذكرنا فيما تقدم من أخباره عليه السلام عن الغيوب طرفا صالحا، ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيها الملاحم وهو يشير إلى القرامطة (1):