لجنحوا إليه، وأصفقوا عليه، وما كان الله ليجمعهم على العمى، ولا ليضربهم بالضلال بعد الهدى، ولو كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيك رأى، وعليك عزم، ثم بعثه الله، فرأى اجتماع أمته على أبى بكر، لما سفه آراءهم، ولا ضلل أحلامهم، ولا آثرك عليهم، ولا أرضاك بسخطهم، ولأمرك باتباعهم، والدخول معهم فيما ارتضوه لدينهم.
فقال على: مهلا أبا حفص أرشدك الله! خفض عليك، ما بذلت ما بذلت وأنا أريد عنه حولا، وإن أخسر الناس صفقة عند الله من استبطن النفاق، واحتضن الشقاق، وفى الله خلف عن كل فائت، وعوض من كل ذاهب، وسلوة عن كل حادث، وعليه التوكل في جميع الحوادث. ارجع أبا حفص إلى مجلسك ناقع القلب، مبرود الغليل، فصيح اللسان، رحب الصدر، متهلل الوجه، فليس وراء ما سمعته منى إلا ما يشد الأزر، ويحبط الوزر، ويضع الأصر، ويجمع الألفة، ويرفع الكلفة، إن شاء الله.
فانصرف عمر إلى مجلسه.
قال أبو عبيدة: فلم أسمع ولم أر كلاما ولا مجلسا كان أصعب من ذلك الكلام والمجلس (1).
قلت: الذي يغلب على ظني أن هذه المراسلات والمحاورات والكلام كله مصنوع موضوع، وأنه من كلام أبى حيان التوحيدي، لأنه بكلامه ومذهبه في الخطابة والبلاغة أشبه، وقد حفظنا كلام عمر ورسائله، وكلام أبى بكر وخطبه، فلم نجدهما يذهبان هذا المذهب، ولا يسلكان هذا السبيل في كلامهما، وهذا كلام عليه أثر التوليد ليس بخفي، وأين أبو بكر وعمر من البديع وصناعة المحدثين! ومن تأمل كلام أبى حيان عرف أن