من أهلها) (١). وقال في جزاء الصيد: ﴿يحكم به ذوا عدل منكم﴾ (2).
وأما قولهم: كيف ترك التصميم بعد ظهور أمارات النصر؟ فقد تواتر الخبر بأن أصحابه لما رفع أهل الشام المصاحف عند ظهور أهل العراق عليهم، ومشارفة هلاك معاوية وأصحابه، انخدعوا برفع المصاحف، وقالوا: لا يحل لنا التصميم على حربهم، ولا يجوز لنا إلا وضع السلاح ورفع الحرب والرجوع إلى المصاحف وحكمها. فقال لهم: إنها خديعة، وإنها كلمة حق يراد بها باطل، وأمرهم بالصبر ولو ساعة واحدة، فأبوا ذلك، وقالوا:
أرسل إلى الأشتر فليعد، فأرسل إليه، فقال: كيف أعود وقد لاحت أمارات النصر والظفر! فقالوا له: ابعث إليه مرة أخرى، فبعث إليه، فأعاد الجواب بنحو قوله الأول، وسأل أن يمهل ساعة من النهار، فقالوا: إن بينك وبينه وصية ألا يقبل، فإن لم تبعث إليه من يعيده، وإلا قتلناك بسيوفنا كما قتلنا عثمان، أو قبضنا عليك وأسلمناك إلى معاوية فعاد الرسول إلى الأشتر، فقال: أتحب أن تظفر أنت هاهنا وتكسر جنود الشام، ويقتل أمير المؤمنين عليه السلام في مضربه! قال: أو قد فعلوها! لا بارك الله فيهم! أبعد أن أخذت بمخنق (3) معاوية، ورأي الموت عيانا أرجع! ثم عاد فشتم أهل العراق وسبهم، وقال لهم وقالوا له، ما هو منقول مشهور، وقد ذكرنا الكثير منه فيما تقدم.
فإذا كانت الحال وقعت هكذا، فأي تقصير وقع من أمير المؤمنين عليه السلام!
وهل ينسب المغلوب على أمره، المقهور على رأيه إلى تقصير أو فساد تدبير!.
وبهذا نجيب عن قولهم: إن التحكيم يدل على الشك في أمره، لأنه إنما يدل على ذلك لو ابتدأ هو به، فأما إذا دعاه إلى ذلك غيره، واستجاب إليه أصحابه، فمنعهم وأمرهم