كان يوحشهم ولا يستميلهم لم يفارقوه ويصيروا إلى عدوه، وهذا يخالف حكم السياسة، وما يجب من تألف قلوب الأصحاب والرعية.
والجواب: إنا أولا لا ننكر أن يكون كل من رغب في حطام الدنيا وزخرفها، وأحب العاجل من ملاذها وزينتها يميل إلى معاوية الذي يبذل منها كل مطلوب، ويسمح بكل مأمول، ويطعم خراج مصر عمرو بن العاص، ويضمن لذي الكلاع وحبيب بن مسلمة ما يوفى على الرجاء والاقتراح، وعلي عليه السلام لا يعدل فيما هو أمين عليه من مال المسلمين عن قضية الشريعة وحكم الملة، حتى يقول خالد بن معمر السدوسي لعلباء بن الهيثم، وهو يحمله على مفارقة علي عليه السلام، واللحاق بمعاوية: اتق الله يا علباء في عشيرتك، وانظر لنفسك ولرحمك، ماذا تؤمل عند رجل أردته على أن يزيد في عطاء الحسن الحسين دريهمات يسيرة ريثما يرأبان بها ظلف عيشهما، فأبى وغضب فلم يفعل.
فأما عقيل، فالصحيح الذي اجتمع ثقات الرواة عليه أنه لم يجتمع مع معاوية إلا بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنه لازم المدينة، ولم يحضر حرب الجمل وصفين، وكان ذلك بإذن أمير المؤمنين عليه السلام، وقد كتب عقيل إليه بعد الحكمين يستأذنه في القدوم عليه الكوفة بولده وبقية أهله، فأمره عليه السلام بالمقام، وقد روى في خبر مشهور، أن معاوية وبخ سعيد بن العاص على تأخيره عنه في صفين، فقال سعيد: لو دعوتني لوجدتني قريبا، ولكني جلست مجلس عقيل وغيره من بني هاشم، ولو أوعبنا لأوعبوا (1).
وأما النجاشي، فإنه شرب الخمر في شهر رمضان، فأقام علي عليه السلام الحد عليه،