ولا حبر المثنون في القول مدحة * وإن أطنبوا إلا وما فيك أفضل * * * ومن مستحسن ما وقفت عليه من تعظيم الباري عز جلاله بلفظ (1) " الحمد " قول بعض الفضلاء في خطبة أرجوزة علمية:
الحمد لله بقدر الله * لا قدر وسع العبد ذي التناهي والحمد لله الذي برهانه * أن ليس شأن ليس فيه شانه والحمد لله الذي من ينكره * فإنما ينكر من يصوره وأما قوله " الذي لا يدركه "، فيريد أن همم النظار وأصحاب الفكر وإن علت وبعدت فإنها لا تدركه تعالى، ولا تحيط به. وهذا حق لان كل متصور فلا بد أن يكون محسوسا، أو متخيلا، أو موجودا من فطرة النفس، والاستقراء يشهد بذلك. مثال المحسوس السواد والحموضة، مثال المتخيل إنسان يطير، أو بحر من دم، مثال الموجود من فطرة النفس تصور الألم واللذة. ولما كان الباري سبحانه خارجا عن هذا أجمع (2) لم يكن متصورا.
فأما قوله: " الذي ليس لصفته حد محدود " فإنه يعني بصفته هاهنا كنهه وحقيقته يقول: ليس لكنهه حد فيعرف بذلك الحد قياسا على الأشياء المحدودة، لأنه ليس بمركب، وكل محدود مركب.
ثم قال: " ولا نعت موجود " أي (3) ولا يدرك بالرسم، كما تدرك الأشياء برسومها، وهو أن تعرف بلازم من لوازمها، وصفة من صفاتها.
ثم قال: " ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود "، فيه إشارة إلى الرد على من قال: إنا