علقمة بن فراس، وهو جذل الطعان. ومنهم ربيعة بن مكدم بن حرثان بن جذيمة بن علقمة بن فراس، الشجاع المشهور، حامي الظعن حيا وميتا، ولم يحم الحريم وهو ميت أحد غيره، عرض له فرسان من بنى سليم، ومعه ظعائن من أهله يحميهم وحده، فطاعنهم، فرماه نبيشة ابن حبيب بسهم أصاب قلبه، فنصب رمحه في الأرض، واعتمد عليه وهو ثابت في سرجه لم يزل ولم يمل. وأشار إلى الظعائن بالرواح، فسرن حتى بلغن بيوت الحي، وبنو سليم قيام إزاءه لا يقدمون عليه، ويظنونه حيا، حتى قال قائل منهم: إني لا أراه إلا ميتا، ولو كان حيا لتحرك، إنه والله لماثل راتب على هيئة واحدة، لا يرفع يده، ولا يحرك رأسه. فلم يقدم أحد منهم على الدنو منه، حتى رموا فرسه بسهم، فشب من تحته، فوقع وهو ميت، وفاتتهم الظعائن.
وقال الشاعر:
لا يبعدن ربيعة بن مكدم * وسقى الغوادي قبره بذنوب (1) نفرت قلوصي من حجارة حرة * بنيت على طلق اليدين وهوب لا تنفري يا ناق منه فإنه * شريب خمر مسعر لحروب لولا السفار وبعد خرق مهمه * لتركتها تجثو على العرقوب نعم الفتى أدى نبيشة بزه * يوم اللقاء نبيشة بن حبيب وقوله عليه السلام: " ما هي إلا الكوفة "، أي ما ملكتي إلا الكوفة. اقبضها وأبسطها، أي أتصرف فيها، كما يتصرف الانسان في ثوبه، يقبضه ويبسطه كما يريد.
ثم قال على طريق صرف الخطاب: " فإن لم تكوني إلا أنت "، خرج من الغيبة إلى خطاب الحاضر، كقوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين. إياك نعبد وإياك نستعين)، يقول: إن لم يكن لي من الدنيا ملك إلا ملك الكوفة ذات الفتن، والآراء المختلفة، فأبعدها الله!