متى تجمع القلب الذكي وصارما * وأنفا حميا تجتنبك المظالم والله لا تقرع عصا عصا إلا جعلتها كأمس الذاهب.
وكانت هذه الخطبة عقيب سماعه تكبيرا منكرا في شوارع الكوفة، فأشفق من الفتنة.
* * * ومما خطب به في ذم أهل العراق بعد وقعة دير الجماجم (1).
يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق، إن الشيطان استبطنكم، فخالط اللحم والدم والعصب، والمسامع والأطراف والأعضاء والشغاف، ثم أفضى إلى الامخاخ والاصماخ، ثم ارتفع فعشش، ثم باض ففرخ، فحشاكم نفاقا وشقاقا، وملأكم غدرا وخلافا، اتخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه، ومؤامرا تستشيرونه، فكيف تنفعكم تجربة، أو تعظكم واقعة، أو يحجزكم إسلام، أو يعصمكم ميثاق! ألستم أصحابي بالأهواز، حيث رمتم المكر، وسعيتم بالغدر، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفي، وأنتم تتسللون لواذا، وتنهزمون سراعا! ثم يوم الزاوية (2)! وما يوم الزاوية! بها كان فشلكم وكسلكم وتخاذلكم وتنازعكم، وبراءة الله منكم، ونكول وليكم عنكم، إذ وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها، النوازع إلى أعطانها، لا يسأل المرء عن أخيه، ولا يلوي الأب على بنيه، لما عضكم السلاح، وقصمتكم (3) الرماح. ثم يوم دير الجماجم، وما يوم دير الجماجم!