ومن خطبه في هذا المعنى وقد أراد الحج (١):
يا أهل الكوفة، إني أريد الحج وقد استخلفت عليكم ابني محمدا، وأوصيته بخلاف وصية رسول الله صلى الله عليه في الأنصار، فإنه أمر أن يقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم، وأنى قد أوصيته ألا يقبل من محسنكم، ولا يتجاوز عن مسيئكم.
ألا وإنكم ستقولون بعدي: لا أحسن الله له الصحابة! ألا وإني معجل لكم الجواب:
لا أحسن الله لكم الخلافة!
* * * ومن خطبة له في هذا المعنى:
يا أهل الكوفة، إن الفتنة تلقح بالنجوى (٢)، وتنتج بالشكوى، وتحصد بالسيف، أما والله إن أبغضتموني لا تضروني، وإن أحببتموني لا تنفعوني! وما أنا بالمستوحش لعداوتكم، ولا المستريح إلى مودتكم، زعمتم أنى ساحر وقد قال الله تعالى: ﴿ولا يفلح الساحر﴾ (3)، وقد أفلحت. وزعمتم أنى أعلم الاسم الأكبر، فلم تقاتلون من يعلم ما لا تعلمون!
ثم التفت إلى أهل الشام فقال:
لأزواجكم أطيب من المسك، ولأبناؤكم آنس بالقلب من الولد، وما أنتم إلا كما قال أخو ذبيان:
إذا حاولت في أسد فجورا * فإني لست منك ولست منى (4) هم درعي التي استلامت فيها * إلى يوم النسار وهم مجني (5)