بها كانت المعارك والملاحم، بضرب يزيل الهام عن مقيله، ويذهل الخليل عن خليله (1).
يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق! الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات (2)، والنزوة بعد النزوات! إن بعثتكم إلى ثغوركم غللتم (3) وخنتم، وإن أمنتم أرجفتم، وإن خفتم نافقتم. لا تذكرون حسنة، ولا تشكرون نعمة.
هل استخفكم ناكث، أو استغواكم غاو، أو استفزكم عاص، أو استنصركم ظالم، أو استعضدكم خالع، إلا اتبعتموه وآويتموه، ونصرتموه وزكيتموه!
يا أهل العراق، هل شغب شاغب، أو نعب ناعب، أو زفر كاذب (4)، إلا كنتم أشياعه وأتباعه، وحماته وأنصاره!
يا أهل العراق، ألم تزجركم المواعظ! ألم تنبهكم الوقائع! ألم تردعكم الحوادث!
ثم التفت إلى أهل الشام وهم حول المنبر، فقال:
يا أهل الشام، إنما أنا لكم كالظليم الرامح (5) عن فراخه، ينفى عنها القذر (6) ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب، ويحرسها من الذئاب!
يا أهل الشام، أنتم الجنة والرداء، وأنتم العدة والحذاء.
ثم نزل.
* * *