وقوله: " كربيضة الغنم " أي كالقطعة الرابضة من الغنم، يصف شدة ازدحامهم حوله، وجثومهم بين يديه.
وقال القطب الراوندي: يصف بلادتهم ونقصان عقولهم، لان الغنم توصف بقلة الفطنة. وهذا التفسير بعيد وغير مناسب للحال.
فأما الطائفة الناكثة، فهم أصحاب الجمل، وأما الطائفة القاسطة فأصحاب صفين.
وسماهم رسول الله صلى الله عليه وآله القاسطين. وأما الطائفة المارقة فأصحاب النهروان، وأشرنا نحن بقولنا: سماهم رسول الله صلى الله عليه وآله القاسطين إلى قوله عليه السلام:
" ستقاتل بعدي الناكثين، والقاسطين والمارقين ". وهذا الخبر من دلائل نبوته صلوات الله عليه، لأنه إخبار صريح بالغيب، لا يحتمل التمويه والتدليس، كما تحتمله الاخبار المجملة، وصدق قوله عليه السلام: والمارقين "، قوله أولا في الخوارج: " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية "، وصدق قوله عليه السلام الناكثين كونهم نكثوا البيعة بادئ بدء، وقد كان عليه السلام يتلو وقت مبايعتهم له: ﴿ومن نكث فإنما ينكث على نفسه﴾ (1).
وأما أصحاب صفين، فإنهم عند أصحابنا رحمهم الله مخلدون في النار لفسقهم، فصح فيهم قوله تعالى: (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) (2).
وقوله عليه السلام: " حليت الدنيا في أعينهم " تقول: حلا الشئ في فمي يحلو، وحلي لعيني يحلى. والزبرج: الزينة من وشى أو غيره ويقال: الزبرج الذهب.
فأما الآية فنحن نذكر بعض ما فيها، فنقول: إنه تعالى لم يعلق الوعد بترك العلو في الأرض والفساد، ولكن بترك إرادتهما، وهو كقوله تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين)