ومن كان يعبد رب محمد، فإنه حي لم يمت، ثم تلا قوله تعالى: ﴿أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم﴾ (1)، قالوا: فوالله لكأن الناس ما سمعوا هذه الآية حتى تلاها أبو بكر. وقال عمر: لما سمعته يتلوها هويت إلى الأرض، وعلمت أن رسول الله قد مات.
* * * لما قتل خالد مالك بن نويرة ونكح امرأته، كان في عسكره أبو قتادة الأنصاري، فركب فرسه، والتحق بأبي بكر، وحلف ألا يسير في جيش تحت لواء خالد أبدا، فقص على أبى بكر القصة، فقال أبو بكر: لقد فتنت الغنائم العرب، وترك خالد ما أمرته، فقال عمر: إن عليك أن تقيده بمالك، فسكت أبو بكر، وقدم خالد فدخل المسجد وعليه ثياب قد صدئت من الحديد، وفي عمامته ثلاثة أسهم، فلما رآه عمر قال:
أرياء يا عدو الله! عدوت على رجل من المسلمين فقتلته، ونكحت امرأته، أما والله إن أمكنني الله منك لأرجمنك، ثم تناول الأسهم من عمامته فكسرها، وخالد ساكت لا يرد عليه، ظنا أن ذلك عن أمر أبى بكر ورأيه، فلما دخل إلى أبى بكر وحدثه، صدقه فيما حكاه وقبل عذره. فكان عمر يحرض أبا بكر على خالد ويشير عليه أن يقتص منه بدم مالك، فقال أبو بكر: إيها يا عمر! ما هو بأول من أخطأ، فارفع لسانك عنه، ثم ودى مالكا من بيت مال المسلمين.
* * * لما صالح خالد أهل اليمامة وكتب بينه وبينهم كتاب الصلح، وتزوج ابنة مجاعة بن مرارة الحنفي، وصل إليه كتاب أبى بكر: لعمري يا بن أم خالد، إنك لفارغ حتى تزوج النساء، وحول حجرتك دماء المسلمين لم تجف بعد... في كلام أغلظ له فيه، فقال خالد: هذا الكتاب ليس من عمل أبى بكر، هذا عمل الأعيسر يعنى عمر