قال: ما ذاك؟ قال عياض بن غنم، يلبس اللين، ويأكل الطيب، ويفعل كذا وكذا قال: أساع (1)؟ قال: بل مؤد ما عليه، فقال لمحمد بن مسلمة: الحق بعياض بن غنم فأتني به كما تجده، فمضى محمد بن مسلمة حتى أتى باب عياض، وهو أمير على حمص، وإذا عليه بواب، فقال له: قل لعياض: على بابك رجل يريد أن يلقاك، قال: ما تقول؟
قال: قل له ما أقول لك فقام كالمعجب فأخبره، فعرف عياض أنه أمر حدث، فخرج فإذا محمد بن مسلمة، فأدخله، فرأى على عياض قميصا رقيقا، ورداء لينا، فقال: إ ن أمير المؤمنين أمرني ألا أفارقك حتى آتيه بك كما أجدك. فأقدمه على عمر وأخبره أنه وجده في عيش ناعم، فأمر له بعصا وكساء، وقال: إذهب بهذه الغنم، فأحسن رعيها، فقال: الموت أهون من ذلك، فقال: كذبت، ولقد كان ترك ما كنت عليه أهون عليك من ذلك. فساق الغنم بعصاه، والكساء في عنقه، فلما بعد رده، وقال: أرأيت إن رددتك إلى عملك أتصنع خيرا؟ قال: نعم والله يا أمير المؤمنين، لا يبلغك منى بعدها ما تكره. فرده إلى عمله، فلم يبلغه عنه بعدها ما ينقمه عليه.
* * * كان الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله يأتون الشجرة التي كانت بيعة الرضوان تحتها، فيصلون عندها، فقال عمر: أراكم أيها الناس رجعتم إلى العزى!
ألا لا أوتى منذ اليوم بأحد عاد لمثلها إلا قتلته بالسيف كما يقتل المرتد، ثم أمر بها فقطعت.
* * * لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله، وشاع بين الناس موته، طاف عمر على الناس قائلا: أنه لم يمت، ولكنه غاب عنا كما غاب موسى عن قومه، وليرجعن فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، يزعمون أنه مات؟ فجعل لا يمر بأحد يقول إنه مات إلا ويخبطه ويتوعده، حتى جاء أبو بكر، فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات،