قصدنا، وبحرمه أنخنا، ارحم. يا معطي الوفد بفنائك، فقد أتيناك بها معراة جلودها، ذابلة أسنمتها، نقبة (1) أخفافها، وإن أعظم الرزية أن نرجع وقد اكتنفتنا الخيبة. اللهم وإن للزائرين حقا، فاجعل حقنا عليك غفران ذنوبنا، فإنك جواد كريم، ماجد لا ينقصك نائل، ولا يبخلك سائل.
ابن جريج، ما ظننت أن الله ينفع أحدا بشعر عمر بن أبي ربيعة، حتى كنت باليمن، فسمعت منشدا ينشد قوله:
بالله قولا له في غير معتبة * ماذا أردت بطول المكث في اليمن! (2) إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها (3) * فما أخذت بترك الحج من ثمن!
فحركني ذلك على ترك اليمن، والخروج إلى مكة، فخرجت فحججت.
سمع أبو حازم امرأة حاجة ترفث (4) في كلامها، فقال: يا أمة الله، ألست حاجة!
ألا تتقين الله! فسفرت عن وجه صبيح، ثم قالت له: أنا من اللواتي قال فيهن عمر بن أبي ربيعة (5):
أماطت كساء الخز عن حر وجهها * وردت على الخدين بردا مهلهلا من اللائي لم يحججن يبغين حسبة * ولكن ليقتلن البرئ المغفلا.
فقال أبو حازم: فأنا أسأل الله ألا يعذب هذا الوجه بالنار. فبلغ ذلك سعيد بن المسيب، فقال: رحم الله أبا حازم! لو كان من عباد العراق، لقال لها: اعزبي يا عدوة الله! ولكنه ظرف نساك الحجاز.