والكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والامر الصادع، إزاحة للشبهات، واحتجاجا بالبينات، وتحذيرا بالآيات، وتخويفا بالمثلات، والناس في فتن انجذم فيها (١) حبل الدين، وتزعزعت سواري اليقين، واختلف النجر، وتشتت الامر، وضاق المخرج، وعمى المصدر، فالهدى خامل، والعمى شامل، عصى الرحمن، ونصر الشيطان، وخذل الايمان، فانهارت دعائمه، وتنكرت معالمه، ودرست سبله، وعفت شركه. أطاعوا الشيطان فسلكوا مسالكه، ووردوا مناهله، بهم سارت أعلامه، وقام لواؤه. في فتن داستهم بأخفافها، ووطئتهم بأظلافها، وقامت على سنابكها، فهم فيها تائهون حائرون، جاهلون مفتونون، في خير دار وشر جيران، نومهم سهود، وكحلهم دموع، بأرض عالمها ملجم، وجاهلها مكرم.
* * * الشرح:
قوله عليه السلام: " والعلم المأثور "، يجوز أن يكون عنى به القرآن، لان المأثور المحكى، والعلم ما يهتدى، به، والمتكلمون يسمون المعجزات أعلاما. ويجوز أن يريد به أحد معجزاته غير القرآن، فإنها كثيرة ومأثورة، ويؤكد هذا قوله بعد: " والكتاب المسطور "، فدل على تغايرهما، ومن يذهب إلى الأول يقول: المراد بهما واحد، والثانية توكيد الأولى على قاعدة الخطابة والكتابة.
والصادع: الظاهر الجلي، قال تعالى: (فاصدع بما تؤمر) (٢) أي أظهره ولا تخفه.
والمثلات، بفتح الميم وضم الثاء: العقوبات، جمع مثلة قال تعالى: ﴿ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات﴾ (3).
وانجذم: انقطع. والسواري: جمع سارية، وهي الدعامة يدعم بها السقف. والنجر: