قلت: وهذا التفريق بين التصحيف والتحريف هو الذي مشى عليه الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها، وتابعه عليه كثيرون.
وقد رأيت قبل أن الإمام العسكري خص التحريف بما وقع في تغيير حرف بكامله مع حرف آخر: (سرى بالقوم) عن (سرى في القوم).
وجعل الحافظ ابن الصلاح في (مقدمته) التصحيف أقساما، هذا تعدادها مع أمثلتها باختصار:
1 - تصحيف في السند: ومثاله: أن ابن جرير الطبري قال: عتبة بن البذر بالباء والذال المعجمة - وإنما هو: ابن الندر - بالنون والدال غير المعجمة - 2 - تصحيف في المتن: ومثاله: أن غندرا روى حديث جابر: رمي أبي يوم الأحزاب على أكلحه، فتصحف عليه وقال: رمي أبي.
3 - تصحيف السمع: ومثاله: أن بعضهم ذكر سندا فيه: عاصم الأحوال، فقال:
واصل الأحدب.
4 - تصحيف البصر: ومثاله: تصحيف ابن لهيعة حديث: احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقال: احتجم في المسجد. وسببه أنه أخذه عن صحيفة.
5 - تصحيف لفظي ومثاله: إبدال الثاء - من كثر - بالسين، فتقول كسر.
6 - تصحيف معنوي: كما صحف بعضهم حديث (زر غبا تزدد حبا) إلى:
زرعنا تردد حنا. وفسره بأن قوما كانوا يمنعون زكاة زروعهم فصارت كلها حناء (1).
أما أثر التصحيف على صاحبه وقبول خبره: فلا ريب أن التصحيف لا يخلو منه إنسان، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (ومن يعرى من الخطأ والتصحيف؟) إلا أن هذا يختلف قلة وكثرة، وخفة وفحشا.