وتكثر الرواية عنهم، فتدور على أفواه الناس وكتبهم فيعرف ويحترس فيه من التصحيف إن شاء الله تعالى.
فأما الحباب - الحاء معجمة، وتحت الباء نقطة واحدة - فمنهم (الحباب ابن المنذر بن الجموح الأنصاري وهو القائل يوم سقيفة بني ساعدة:
أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، وكان يسمى ذا الرأي لمشورته في بدر، وأخبرنا أبو بكر بن دريد، أخبرنا أبو طلحة موسى بن عبد الله الخزاعي في كتاب المغازي، أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما نزل دون بدر، وأتاه خبر قريش، استشار الناس، فأشار عليه أصحابه، ثم قال الحباب بن المنذر:
يا نبي الله أرأيت هذا المنزل، أمنزل أنزلك الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه، أم هو الحرب والمكيدة..؟ بل هو الحرب والمكيدة قال: فإن هذا ليس لك بمنزل فانهض حتى نأتي أدني قليب إلى القوم فننزله ثم نعور ما سواه من القلب، ثم نبني عليه حوضا ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشرت بالرأي، فنهض وسار حتى أتى أدنى ماء إلى القوم وأمر بالقلب فعورت وبني حوضا على القليب.
وأخبرنا أبو بكر بن دريد فقال: قرأت على أبي طلحة موسى بن عبد الله الخزاعي - ولم يخبر به الرياشي - قال: قام الحباب بن المنذر لما اختلف الناس في يوم السقيفة فقال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب. وأخبرني محمد بن دليل بن بشر بن سابق، عن محفوظ بن بحر الأنطاكي، عن المسيبي صاحب المغازي بزيادة في الخبر - قال: فقام الحباب فقال: منا أمير ومنكم أمير: أنا جذيلها المحك وعذيقها المرحب، وقد دفت علينا منكم دافة، أرادوا أن يخرجوننا - كذا - من أصلنا ويحضنونا من هذا الأمر فإن شئتم كررناها جذعة. قوله: أنا جذيلها المحكك. هذا مثل، والجذيل تصغير جذل، وهو ساق الشجرة العظيمة وذلك أن راعي الإبل إذا أرعى أرضا ليس فيها شجر حمل جذلا فأثبته في الأرض لتحتك به الإبل، فيكون لها بمنزلة التمريغ للخيل